الذكاءات المتعددة- المقال 1 (مقدمة في نظرية الذكاءات المتعددة)

 المقال (1)

(مقدمة في نظرية الذكاءات المتعددة - ذكاء أم ذكاءات؟)
مما لا شك فيه أن نسبة ذكاء الفرد تؤثر على نوعية حياته وعلاقاته بدرجةٍ كبيرة, لكنني هنا لا أتحدث عن معامل الذكاء (IQ) والذي وضعه عالم النفس الفرنسي بينيه (Alfred Binet).
إليكم القصة كما حدثت: في عام 1904 للميلاد, طلبت وزارة التعليم في فرنسا مقياساً للذكاء, فاقترح بينيه هذا المقياس (معامل الذكاء IQ), اعتمد هذا المقياس على قياس نسبة الذكاء موضوعياً والتعبير عنه بنسبة, وقد اشتهر هذا المقياس في فرنسا وانتقل منها إلى جميع أنحاء العالم وتم استخدامه للحكم على نسبة ذكاء الافراد لمدة طويلة جداً, وما زال مستخدماً حتى الآن.
ولست هنا بصدد انتقاد هذا المقياس العالمي ولا التقليل من أهميته, لكن لا بد من ذكر أن هذا المقياس اهتم بقياس الذكاء العقلي أي أنه ركّز على تحديد نسبة الذكاء بناءً على الوظائف العقلية التي يقوم بها الفص الأيسر من الدماغ وأهمل وظائف الفص الأيمن.
لكن, بعد 80 عاماً تقريباً من وضع هذا المقياس, قام هاورد غاردنر (Howard Gardner) عالم النفس الأمريكي بتحدي هذا المقياس الذي رأى أنه يعرّف الذكاء بشكلٍ ضيق جداً.
حيث اقترح غاردنر, في كتابه (أطر العقل) عام 1983, وجود سبعة ذكاءات على الأقل, وأن كل فردٍ منا يتمتع بنسبٍ متفاوتة من القدرات في هذه المجالات السبعة. وهذا ما بات يعرف بنظرية الذكاءات المتعددة.
هكذا استطاع غاردنر تغيير السؤال من (كم نسبة ذكائك؟) إلى (ما نوع ذكائك؟)
تتيح هذه النظرية لكل شخص منا أن يفهم نفسه على نحو أفضل وأن يكتشف قدراته وإمكانياته ونقاط قوته وضعفه بحيث يتمكن من تطوير نفسه واستثمار قدراته للحصول على حياةٍ أفضل وأكثر سعادة.
ورغم أن نظرية الذكاءات المتعددة أثبتت فعاليتها ونجاحها من خلال تجارب المدارس التي تبنتها, إلا أنها لحد الآن لم تلقَ الاهتمام الكافي في المناهج التعليمية في الوطن العربي ولازال تطبيقها يتم على نطاقٍ ضيق يعتمد بمجمله على جهودٍ فردية. لكن يبقى الامل كبيراً أن يتم اعتماد هذه النظرية في وزارات التعليم في مختلف بلدان الوطن العربي في المستقبل الكبير حتى نتمكن من استثمار مواهب وقدرات جميع الأطفال في الوطن العربي بالشكل الأمثل مما يساعد على تطوير مجتمعاتنا بشكلً كبير ويحقق النهضة التي يحلم بها جميع سكان الوطن العربي ويحوّلها إلى واقعً ملموس ويسهم في احترام وتقدير الاختلافات بين الأفراد والنظر إلى الجميع على أنهم أذكياء ولكن بطرقً مختلفة. (يتبع)
بقلم: شيرين الخس

تعليقات